رمضان شهر الخير والبركة
كتب: الدكتور إسماعيل عبد الله عضو مركز الأزهر العالمى للفتوي الإلكترونية
يهل علينا كل عام شهر عظيم مبارك، ألا وهو شهر رمضان الكريم، تلكم الشهر الذى ينتظره المسلمون في جميع أنحاء العالم بشغفٍ وشوقٍ كبير، ولم لا؟! وهو شهر الصيام في النهار،والقيام في الليل وتلاوة القرآن في كل وقت، إنه شهر العتق من النار والغفران من الذنوب والأوزار، شهر الصدقات والإحسان على الفقراء والمساكين، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتغفر فيه السيئات.
شهر تجاب فيه الدعوات (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ)، وترفع فيه الدرجات، وتمحى فيه العثرات، إنه الشهر الذى يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطايا والكرامات.
وأيضا من فضائل هذا الشهر العظيم أنَّ فيه ليلة خيرمن ألف شهر، من حُرِم فضل هذه الليلة فقد حُرِم الخير كله، فيجب على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يستقبلوا هذا الشهر بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه، والمسابقة فيه إلى الخيرات، والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من سائر الذنوب والسيئات، والتناصح والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى كل خير لكى يفوزوا بالكرامة والأجر العظيم في هذا الشهر المبارك.
فمن الصعب علينا جميعا حصر فضائل الصيام لكثرتها دينيًا واجتماعيًا وصحيًا، فإن الصيام له فوائد كثيرة وحكم عظيمة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة كالحقد والحسد والبطر والبخل، وتعويدها للأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه.
ومن فوائد الصيام أيضا أنه يبين للعبد مدى ضعفه وفقره وحاجته لربِّه، ويذكِّرُهُالصيام بعظيم نعم الله عليه ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، ويذكره أيضًا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذكر شكر الله سبحانه، والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة:183).
والصيام كذلك يربي في المسلم عُلُوَّ الهِمَّة؛ وذلك حين يتسابق المسلمون في العبادة، فالله تعالى قد جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه يتسابقون فيه لطاعته، فمن سبقوا أفلحوا وفازوا، ومن تخلفوا خسروا وخابوا؛ قال تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: 26].
والصيام يُربِّي الإنسان على حفظ الجوارح من الآثام، والابتعاد عمَا يُغضِبُ الله تعالى؛ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: «إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ، وَبَصَرُكَ، وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً» أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات.
وأخيرا فإن الصيام يُربِّي في الإنسان التقوى، فمن امتنع عن المباح في نهار مضان، كان امتناعه عن المحرمات بعد رمضان عليه أيسر؛ فغاية الصوم في الإسلام تحقيق التقوى.