“صوت المرأة عورة”.. هكذا غابت أصوت النساء عن ترتيل “القراّن الكريم”.. وانفرد بالإذاعة الرجال

“صوت المرأة عورة”.. هكذا يُبرر البعض لأنفسهم، ولكن الحقيقة أن صوت المرأة جوهرة غالية كانت تُرفع عبر الإذاعة المصرية في القرن الماضي تالية اّيات القراّن الكريم، وأطلق عليها “دولة تلاوة القراّن النسائية”، ولكن كانت الحجة لإسكاتها أن صوتها عورة.. وماذا عن الغناء!؟

إذا فتحنا إذاعة القراّن الكريم في أي وقت الاّن سنجد القراّن يُتلى ليلًا ونهارًا، ولكن الصوت في الخلفية لرجلٍ دون نساء، فلماذا غابت المرأة عن تلاوة القراّن الكريم في الإذاعة؟.

الإجابة على هذا السؤال تجلب سؤال اّخر.. متى كانت الإذاعة عامرة بتلاوات النساء؟.. بالفعل كانت كذلك، حيث أن “نبوية النحاس” هذا الإسم الذي ربما لم تسمع عنه كثيرًا من قبل، كانت من أشهر مقرئات القراّن بصوتها العذب المُريح، حيث يحكي الكاتب “محمود السعدني” في كتابة “ألحان السماء”: “أنه بوفاة نبوية النحاس عام 1973 انطوت صفحة رائعة من كتاب فن التلاوة والإنشاد الديني في العصر الحديث”.

حيث إنها كانت اّخر سيدة ترتل اّيات القراّن الكريم في الاحتفالات والمناسبات الدينية وكان الاستماع إليها يقتصر فقط على السيدات، وهذا يفتح بابًا جديدًا للتساؤلات، ترى هل كانت هناك الكثير قبلها!؟، بالتأكيد كان هناك العديد من النساء يرتلن القراّن الكريم بصوت عذب وعرفتهم الاّذان من وراء ميكروفون الإذاعة، مثل “كريمة العدلية”، وكانت قد ظهرت واشتهرت في وقت الإذاعات الأهلية، وذلك في مطلع القرن العشرين في مصر، وظلت ترتل القراّن الكريم حتى الحب العالمية الثانية.

فلماذا غابت المرأة عن قراءة القراّن في الإذاعة؟.. هل الهدف هو التضييق على المرأة، ومحاولة تهميشها، وحصر دورها في المنزل وتربية الأطفال؟.. بالطبع الإجابة هنا لا، خاصة وأن المرأة الاّن تتمتع بالكثير من الحقوق المشتركة مع الرجل، فأصبح المرأة طبيبة وعالمة ووزيرة تقود الأمور من مناصب عليا، ولكن يبقى السبب غائبًا.

وتبقى النماذج غير منتهية، فالشيخة “أم السعد” لٌقبت بـ أستاذة القراءات العشر، وهي السيدة الوحيدة التي تخصصت في القراءات العشر، وعكفت حوالي 60 عامًا على منح الإجازة للقُرَّاء من شتى أنحاء العالم، حيث أن أشهر تتلمذوا عليها الشيخ أحمد نعينع والشيخ مفتاح السلطني.

وكذلك “أم محمد” وهي نسخة جديدة من “العدلية” ظهرت في عصر محمد علي، ويقول “السعدني” عنها: “كان من عادتها إحياء ليالي شهر رمضان الكريم في حرملك الوالي، كما كانت تقوم بإحياء ليالي المآتم في قصور قادة الجيش وكبار رجال الدولة،”.

واستكمل: “أم محمد كانت موضع إعجاب الباشا محمد علي، وحصلت على العديد من الجوائز والهدايا، وأمر محمد علي بسفرها إلى إسطنبول لإحياء ليالي شهر رمضان المعظم في حرملك السلطانة، وماتت الشيخة أم محمد قبل هزيمة محمد علي ومرضه، ودفنت في مقبرة أنشئت لها خصيصًا في الإمام الشافعي، وجرت مراسم تشييع الجنازة في احتفال عظيم”.

واستكمالًا للحكايات التي لا تنتهي، فإننا نتطرق إلى الحديث عن “منيرة عبده”، والتي بدأت رحلتها مع القراّن الكريم في سن الـ18 عام، وذلك في عام 1920، والتي أصبح صوتها ندًا للمشايخ الكبار، وعرض عليها أحد أثرياء تونس إحياء ليالي رمضان بصوتها في قصره بصفاقس بأجر 1000 جنيه، وفي الوقت الذي ذاع فيه صيت الإذاعة المصرية، كانت منيرة من أوائل الذين رتلوا القراّن الكريم في الإذاعة براتب 5 جنيه، إلا أن سرعان ا ظهرت فتوى في مطلع الحرب العالمية الثانية تقول أن “صوت المرأة عورة”.

فعن أي عورة يتحدثون؟.. لماذا يصبح صوت المرأة عورة في ترتيل اّيات الله!..

وأخيرًا حفيدة الشيخ “عبد الباسط محمد عبد الصمد”.. إنها “سمية الديب”، والتي ورثت عن جدها عذوبة الصوت وجودة التلاوة للقراّن الكريم، وتميزت بصوتها الملائكي الرقيق وبعد أن لفتت الجميع إلى صوتها العذب الرقيق، فاجأت الجميع في عام 2015 بتدوينة صادمة قالت فيها إنه بعد بحث الحكم الشرعي وسؤال العلماء حول القراءة أمام الرجال سواء بحضورهم أو من خلال وسائل إعلام مرئية أو مسموعة توصلت إلى أن كل ذلك لا يجوز شرعاً لما يحدثه من فتنة لذا قررت التوبة.