تفسيرات قرآنية: الآية 6 من سورة التحريم

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَاالَّذِينَآمَنُواقُواأَنْفُسَكُمْوَأَهْلِيكُمْنَارًاوَقُودُهَاالنَّاسُوَالْحِجَارَةُعَلَيْهَامَلَائِكَةٌغِلَاظٌشِدَادٌلَايَعْصُونَاللَّهَمَاأَمَرَهُمْوَيَفْعَلُونَمَايُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]

فسر الدكتور هنيدي هنيدي عبدالجواد، مدرس التفسير وعلوم القرآن وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الآية.

وقال تنادي الآية الكريمة المؤمنين بالله عزَّ وجل، المنقادين لأوامره ونواهيه، المستسلمين لقضائه، أن يمنعوا أنفسهم وأزواجهم وأولادهم من دخول نار شديدة الغليان، وأن يجعلوا بينهم وبينها حاجزًا ومانعًا،رحمةً وشفقةً عليهم، ولا يكون ذلك إلا بعبادة الله والتذلل إليه.

وتتأى وقاية النفس بحرص المسلم على الإقبال على الله عز وجل مداومًا على العمل الصالح، مشاركًا في جميع وجوه البر والخير، من صيامٍ وصلةِ أرحام وذكرٍ واستغفارٍ، مُتجنبًا الوقوع في كل ما يغضب الله من فعل المعاصي، وارتكاب الموبقات، خاصةً في هذا الشهر المبارك، الذي يُضاعَف فيه الأجر والثواب، ويزداد فيه إثم المعصية؛ لوقوعها في هذا الوقت الفضيل.

ووقاية الأهل تكون بعناية المسلم بأهله، وتفقدهم، ورعايته لهم، وحثِّهم على طاعة الله عزَّ وجل، والمداومة على حُسْن الصلةِ به، والقُرْب منه، وتعليمهم الحلال والحرام، وتربيتهم تربية حسنة، حتى لا يقعوا في المعاصي والذنوب، وهذا انطلاقًا من مسئولية المسلم التي كُلِّف بها تجاه أهله، التي سوف يُحاسب عليها يوم القيامة،  فإن قام بها خير قيام، أُثيب وأُجِر على ما بذل من جهد، وإن قصَّر فيها عُوقِب يوم الحساب.قال تعالى: {وَأْمُرْأَهْلَكَبِالصَّلَاةِوَاصْطَبِرْعَلَيْهَا} [طه: 132]، وقال النَّبِيَّـ صَلَّىاللهُعَلَيْهِوَسَلَّمَـ: «كَفَىبِالْمَرْءِإِثْمًاأَنْيُضِيعَمَنْيَقُوتُ». مسندأحمد (11/ 424).وقال أيضا: “وَالرَّجُلُرَاعٍفِيأَهْلِهِوَهُوَمَسْئُولٌعَنْرَعِيَّتِهِ”. صحيحالبخاري (2/ 5).

وقد قدَّم الله عزَّوجل وقاية النفس على وقاية الأهل؛ لحكمةٍ عظيمة، ودلالةٍ بليغة، وهدفٍ نبيل، وهي حرص المسلم على أن يكون قدوةً لغيره، قبل أن يتوجه إلى أهله بالنصح والإرشاد، حتى يكون مؤثرًا مقبولًا، حيث إن عامل القدوة له أثرٌ بليغٌ في تعديل سلوكيات الآخرين، وهدايتهم، ورجوعهم إلى الله عزَّ وجل. وما أجمل أن يجتمع الرجل مع زوجته وأولاده في شهر رمضان المبارك، على موائدِ الذكرِ والاستغفارِ ومدارسةِ القرآن الكريم، وتعلُّم معانيه وأحكامه؛ لنيل النفحات الرمضانية، ووقاية أنفسهم من نار جهنم.