خطف البنات في مصر.. جريمة قاسية خلفتها الأعباء الاقتصادية

تعد ظاهرة خطف البنات التي انتشرت بشدة في الآونة الأخيرة بالمجتمع المصري، واحدة من الظواهر التي تثير علامات الإستفهام حول تصرفات الأفراد في المجتمع، وتشير بأصابع الإتهام إلى الأوضاع الإقتصادية المتدنية التي أنتجت طبقة من الفقراء والمهمشين ومعدومي الدخل في المجتمع، والذين يبحثون بأي طريقة كانت، وباستخدام كافة السبل والوسائل، مشروعة كانت أو غير مشروعة، لمحاولة جلب الأموال، والتي كثيراً ما تُنفق على متعتهم وأهوائهم المنحرفة من أشكال الكيف والمخدرات.

وقد تفاقمت في السنوات الأخيرة، ظاهرة الخطف ، لاسيما “خطف البنات”، الأمر الذي يزيد من سوء تلك الجريمة، حيث أن بعض من يقومون بخطف البنات، لا يبحثون فقط عن السرقة، أو طلب الفدية من أهل الفتاة المخطوفة، ولكن إزداد الأمر بشاعة، بوصول الأمر إلى القيام بعمليات السرقة والإغتصاب بل وإلى القتل، وهو ما أثار الزعر في نفوس الأسر المصرية وخصوصاً الفقيرة منها.

لقد أصبحت ظاهرة خطف الفيتات منتشرة في الريف أكثر من الأماكن الحضرية، ويرجع ذلك إلى ارتفاع مستوى الفقر في الريف، وتدني الخدمات به مقارنة بالحضر، حيث تزايد معدلات خطف البنات يرجع إلى حالة توافر الجرأة لدى الجناة.

وسهولة ارتكاب وقائع الخطف وابتزاز أهالي الضحايا وإن كان الوضع الأمني حالياً أفضل بكثير ولكن لابد من تشديد عقوبة الخطف في القانون. أن العقوبة تبدأ من السجن 5 سنوات حتى المؤبد، وقد تصل في بعض الحالات إلى الإعدام في حالة وجود هتك عرض للطفل، ولكن ذلك غير كاف ولا يشكل ردعاً حقيقياً ضد مرتكبي هذه الجرائم، خاصة أنها تتعلق بحق فتيات وأطفال صغار ليسوا في كامل أهليتهم، ولذلك نحن بحاجة إلى ثورة تشريعية تغلظ العقوبات على مرتكبي مثل هذه الوقائع، تجعل الخاطفين لا يواجهون سوى عقوبة واحدة، وهي الإعدام، انطلاقاً من مبدأ أن العدل البطيء ظلم، وكلما كان العقاب سريعاً كلما سيطرنا على هذه الحوادث.

لذلك كان لزاماً على المواطنين كافة التعاون والتكاتف وتشكيل مجموعات تطوعية لمراقبة ومتابعة الفتيات والأطفال في الأماكن العامة وفي الأحياء، وتوزيع منشورات لتنبيه الأسر وتوعيتهم للحفاظ على أبنائهم ونشر المعلومات عن الأطفال المخطوفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمساهمة في البحث عنهم.

أن المشرع المصري تنبه لخطورة أفعال الاتجار في البشر فإذا لم تقتصر الجريمة علي مجرد الخطف بل تعدته إلي التصرف في المخطوف بالبيع أو الشراء أو ممارسة السلطات عليه باعتباره رقيقا، وإذا كان الخطف بغرض استغلال المخطوف في أعمال غير شرعية كالدعارة والاستغلال الجنسي والخدمة قصرا والتسول يمكن أن تعد الجريمة أحدي صور الاتجار في البشر خاصة إذا ارتكبت عن طريق الجماعات الإجرامية المنظمة، وتشدد العقوبة إذا ارتكبت الأفعال المتقدمة عن طريق التهديد بالقتل أو الأذى الجسيم أو التعذيب البدني والنفسي أو طلب فدية خاصة إذا كان المجني عليه طفلا أو من ذوي الإعاقة.

“حوادث الاختطاف” في الإسكندرية

شهدت مدينة الإسكندرية حالات اختطاف فتيات وأطفال، بغرض الاتجار في أعضائهن البشرية، ما أثار الرعب والخوف في نفوس الأسر والأهالي، ما أدي إلى تقديم بلاغات للنائب العام المصري.

وذكرت النيابة العامة المصرية في بيان لها أن “وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام رصدت تداولا واسعا لأخبار بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حول خطف عدد من الفتيات بمحافظة الإسكندرية ، وكذا تصوير شخص بآلة مراقبة وادعاء خطفه أطفال بذات المحافظة”.

وفي السياق ذاته تم رصد وقوع عدة حالات لاختطاف الفتيات بغرض الاتجار في أعضائهن،  بعد واقعة إبلاغ أب في السادس من أكتوبر الجاري عن تغيب ابنته البالغة 13 عاما منذ اليوم السابق على البلاغ، وقد شهدت والدتها في تحقيقات النيابة العامة بوقوع مشادة بينهما يوم اختفائها، ثم لما تبينت عدم تواجدها بالمسكن وفحصت كاميرات المراقبة المثبتة به، تبينت مغادرتها في الساعات الأولى من هذا اليوم”.

وأوضحت شقيقة الفتاة المتغيبة في تحقيقات النيابة العامة أن “المذكورة كانت على صلة بالبعض عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم فتى داومت التواصل معه عبر أحد المواقع، وقد تبين لها تغيير بيانات حساب شقيقتها بالموقع المذكور عقب تغيبها”.

وفي هذا الإطار لابد على الأهل في ظل تلك الأحداث، أحذ الحيطة والحذر على أبنائهم وبناتهم، ومتابعتهم أولاً بأول، والإبلاغ عن أي شئ يثيرر الريبة في نفوسهم تجاه أولادهم وبناتهم.

وفي تلك القضايا الاجتماعية المشابهة لا بد من طرح حلول تساعد في حل هذه الأزمات التي تهدد أمن وسلامة المجتمع، والتي يمكن أن يشارك في طرحها منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل.

يجب على الدولة أن تلعب الدور الرئيسي في حل مثل هذه المشكلات عن طريق سن القوانين الرادعة التي تكون زاجرًا لكل من تسول له نفسه أن يخطف فلذات أكباد الناس.